responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 399
يَرْضَوْنَهَا، وَإِلَّا بَعْدَ الْإِخْلَاصِ فِي التَّوْبَةِ، فَهَذَا/ خَاطِرٌ خَطَرَ بِبَالِهِمْ وَكَانُوا مُخْطِئِينَ فِيهِ. الثَّانِي: أَنَّهُمْ لَمَّا أَذْنَبُوا بِسَبَبِ مُفَارَقَةِ ذَلِكَ الْمَكَانِ أَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِشُؤْمِ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ وَأَوْقَعَهُمْ فِي الْهَزِيمَةِ، لِأَنَّ الذَّنْبَ يَجُرُّ إِلَى الذَّنْبِ، كَمَا أَنَّ الطَّاعَةَ تَجُرُّ إِلَى الطَّاعَةِ. وَيَكُونُ لُطْفًا فِيهَا. الثَّالِثُ: لَمَّا أَذْنَبُوا بِسَبَبِ الْفَشَلِ وَمُنَازَعَةِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ وَقَعُوا فِي ذَلِكَ الذَّنْبِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ فِي بَعْضِ مَا كَسَبُوا، لَا فِي كُلِّ مَا كَسَبُوا، وَالْمُرَادُ مِنْهُ بَيَانُ أَنَّهُمْ مَا كَفَرُوا وَمَا تَرَكُوا دِينَهُمْ، بَلْ هَذِهِ زَلَّةٌ وَقَعَتْ لَهُمْ فِي بَعْضِ أَعْمَالِهِمْ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الزَّلَّةَ مَا كَانَتْ بِسَبَبِ الْكُفْرِ، فَإِنَّ الْعَفْوَ عَنِ الْكُفْرِ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ [النِّسَاءِ: 48] ثُمَّ قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: ذَلِكَ الذَّنْبُ إِنْ كَانَ مِنَ الصَّغَائِرِ جَازَ الْعَفْوُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْكَبَائِرِ لَمْ يَجُزْ إِلَّا مَعَ التوبة، فههنا لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ التَّوْبَةِ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مَذْكُورٍ فِي الْآيَةِ، قَالَ الْقَاضِي: وَالْأَقْرَبُ أَنَّ ذَلِكَ الذَّنْبَ كَانَ مِنَ الصَّغَائِرِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَا يَكَادُ فِي الْكَبَائِرِ يُقَالُ إِنَّهَا زَلَّةٌ، إِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي الصَّغَائِرِ. الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْمَ ظَنُّوا أَنَّ الْهَزِيمَةَ لَمَّا وَقَعَتْ عَلَى الْمُشْرِكِينَ لَمْ يَبْقَ إِلَى ثَبَاتِهِمْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ حَاجَةٌ، فَلَا جَرَمَ انْتَقَلُوا عَنْهُ وَتَحَوَّلُوا لِطَلَبِ الْغَنِيمَةِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الصَّغَائِرِ لِأَنَّ لِلِاجْتِهَادِ فِي مِثْلِهِ مَدْخَلًا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا فَالْعَفْوُ عَنِ الصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ جَائِزٌ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذِهِ التَّكَلُّفَاتِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ أَيْ غَفُورٌ لِمَنْ تَابَ وَأَنَابَ، حَلِيمٌ لَا يُعَجِّلُ بِالْعُقُوبَةِ. وَقَدِ احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الذَّنْبَ كَانَ مِنَ الْكَبَائِرِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنَ الصَّغَائِرِ لَوَجَبَ عَلَى قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَاجِبًا لَمَا حَسُنَ التَّمَدُّحُ بِهِ، لِأَنَّ مَنْ يَظْلِمُ إِنْسَانًا فَإِنَّهُ لَا يَحْسُنُ أَنْ يَتَمَدَّحَ بِأَنَّهُ عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ، فَلَمَّا ذَكَرَ هَذَا التَّمَدُّحَ عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ الذَّنْبَ كَانَ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَلَمَّا عَفَا عَنْهُ عَلِمْنَا أَنَّ الْعَفْوَ عَنِ الْكَبَائِرِ وَاقِعٌ والله أعلم.

[سورة آل عمران (3) : الآيات 156 الى 158]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا مَا ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)
[في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلى قوله لَوْ كانُوا عِنْدَنا مَا ماتُوا وَما قُتِلُوا] اعْلَمْ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يُعَيِّرُونَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجِهَادِ مَعَ الْكُفَّارِ بِقَوْلِهِمْ: لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ عَنْ بَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ فُتُورٌ وَفَشَلٌ فِي الْجِهَادِ حَتَّى وَقَعَ يَوْمَ أُحُدٍ مَا وَقَعَ وَعَفَا اللَّهُ بِفَضْلِهِ عَنْهُمْ، ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِثْلَ مَقَالَتِهِمْ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا لِمَنْ يُرِيدُ الْخُرُوجَ إِلَى الْجِهَادِ لَوْ لَمْ تَخْرُجُوا لَمَا مُتُّمْ وَمَا قُتِلْتُمْ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُحْيِي وَالْمُمِيتُ، فَمَنْ قُدِّرَ لَهُ الْبَقَاءُ لَمْ يُقْتَلْ فِي الْجِهَادِ، وَمَنْ قُدِّرَ لَهُ الْمَوْتُ لَمْ يَبْقَ وَإِنْ لَمْ يُجَاهِدْ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَأَيْضًا الَّذِي قُتِلَ فِي الْجِهَادِ، لَوْ أَنَّهُ مَا خَرَجَ إِلَى الْجِهَادِ لَكَانَ يَمُوتُ لَا مَحَالَةَ، فَإِذَا كَانَ لَا بُدَّ مِنَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 399
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست